محطتا الاسبوع المقبل على المستوى السياسي ستخرجان بلا نتائج: الاولى طاولة الحوار الوطني التي تأجلت لاسبوع عن موعدها بسبب وفاة شقيقة الرئيس نبيه بري وانشغاله اليوم ولغاية مساء الثلاثاء بالدفن وتلقي التعازي. وجلسة الحوار ولو انعقدت كانت ستخرج بلا نتائج. فالحديث عن مواصفات الرئيس لم تعد لها اهمية في حين يتركز الحديث عن مرشح واحد و"أكثرهم حظاً" وهو النائب سليمان فرنجية. وتفعيل حكومة لا تجتمع ولا تقرر وبلد غارقة في ازماتها من النازحين الى الحدود الشمالية والعسكريين المخطوفين لدى "داعش"، واخيراً وليس آخراً ملف النفايات الطافي على مياه الامطار وصحة اللبنانيين. المحطة الثانية: وهي جلسة انتخاب الرئيس العتيد الاربعاء المقبل وسيكون من نصيبها التأجيل حتماً لما بعد الاعياد ومطلع العام الجديد على اقل تقدير وفق ما يؤكد عاملون على الخط الرئاسي.

ومن يقرأ في سطور المشاورات الجارية لتظهير "التسوية" الرئاسية المفترضة والتي يأتي الاجماع على شخص فرنجية رئيساً في مقدمتها، يدرك بلا جهد او عناء ان كل ما حكي بعد لقاء باريس الشهير بين الرئيس سعد الحريري والنائب فرنجية لم يترجم حتى الساعة الى مبادرة او طرح.

ولعل الموقف الذي اطلقه الشيخ نعيم قاسم امس يدلل بوضوح ان لا مبادرة رئاسية في الافق ولا من يحزنون. كما يعكس هذا الكلام "الهام" في توقيته وغير الجديد في سياق تمسك حزب الله بحليفه العماد ميشال عون وثباته على ترشيحه حتى آخر نفس وحتى يقول عون اني لم اعد مرشحاً وقتها هناك كلام آخر. وما قاله قاسم يعرفه كل اللبنانيين. فثبات حزب الله على مواقفه وتمسكه بحلفائه ووفائه لتعهداته من سماته السياسية البارزة والتي اقرّ بها خلال الاسبوعين الماضيين كل اخصام حارة حريك من معراب الى بكفيا وصولاً الى بيت الوسط .وهذا الاقرار ان دل على شيء فإنما يدل ايضاً على ان تلويح الحريري بالتسوية لم يسل لعاب حزب الله ولو كان الطرح الاتيان برئيس من 8 آذار!

وتؤكد المداولات الداخلية لحزب الله انه كان على إطلاع على لقاء فرنجية والحريري قبل حصوله حيث وضع فرنجية الحزب في صورة زيارته الى باريس للقاء الحريري، فأكد له الحزب انه لا يمانع اي لقاء لا مع الحريري ولا مع غيره. فحزب الله يحاور الحريري ويحاور غيره ولا مانع من اي لقاء يهدف الى الحوار وتبادل وجهات النظر.

وعند هذا الحد ينتهي الحديث عن لقاء باريس قبل حصوله. وتشير المداولات بشكل صريح الى ما بعد اللقاء اصبح الهرج والمرج سيد الموقف والكلام السياسي والترشيح وغيره صار في متناول الجميع في الاعلام وحتى ان ترشيح فرنجية لم يتبلغ به الحزب الا عبر الاعلام. وبعد اسبوع من الاخذ والرد بعد لقاء باريس لم تتغير الانطباعات الداخلية لدى حزب الله الذي حتى الساعة لم يتبلغ اي شيء رسمي لا من الحريري ولا من الجهة التي تقف وراء "رمي" فكرة ترشيح فرنجية عبر الاعلام. فلا الحريري او جماعته اتصلوا بالحزب ليبلغوهم بالمبادرة وكيفية تظهيرها او اعلانها، ولا علم الحزب بالبنود التي تلي ترشيح فرنجية. فماذا عن قانون الانتخاب مثلاً؟ وماذا عن ترشيح الحريري لتولي رئاسة الحكومة؟ ومن يضمن ان لا يسمي النواب الحريري للحكومة وان يسموا مثلاً الرئيس نجيب ميقاتي؟ وهل يملك فرنجية كل الكتل النيابية وقرارها ليضمن للحريري ان يسمى لتشكيل الحكومة؟ ومن ابرز ما اثار استغراب قيادة الحزب هو ما تنامى الى مسامعه عبر قنوات حليفة او اصدقاء مشتركين على لسان الحريري انه ينتظر من السيد حسن نصرالله بدوره ان يعلن عن بنود السلة المتكاملة او ما يعني في لغة التقريش السياسي: تقديم تنازلات مجانية لترشيح كلامي لم يرق بعد اكثر من 15 يوماً على طرحه للتداول الاعلامي الى مجرد اعلان رسمي. فكيف يسير حزب الله والعماد عون وكتل واحزاب 8 آذار في ترشيح او كلام لم نر منه الا الدخان والتشويش!

ثبات حزب الله على مواقفه وصمته البليغ والذي قال عنه الشيخ قاسم انه بسبب عدم النضوج ولاستكمال الاتصالات، يعني وفق مداولات الحزب الداخلية ان العماد عون ما زال مرشحنا ومرشح 8 آذار وان لا موقف من ترشيح فرنجية لانه لم يطرح رسمياً والرجلان متفقان ومتفاهمان ومتفهمان ولا خلاف بينهما او بين اي مكون في 8 آذار. ولا جواب عن اي طرح او اعلان لم نبلغ به رسمياً لا من الحريري ولا من السعودية وان كل ما يعرفه الحزب ان سفيرا اميركيا سابقا في لبنان وراء ترويج فكرة ترشيح فرنجية لكسر الاصطفافات ولحل ازمة الفراغ المؤسساتي والشغور الرئاسي. لذلك الامور متوقفة عند جدية الحريري بإعلان المبادرة المتكاملة وبوضوح ليعطي كل فريق رأيه الصريح وإلا فالفكرة من اساسها مناورة لحرق المرشح الاحتياطي فرنجية بعد رفض المرشح الاساسي عون، ولخض اسس التفاهم في تحالف 8 آذار المتين والصلب. وكلما امتد مدى صمت الحريري تتحول الفكرة الى مجرد مناورة اخرى له لا اكثر ولا اقل هدفها تضييع الوقت وإطالة عمر الشغور وحرق المرشحين.